تيتانيكات أفريقية.. البنية السردية والهوية ورؤيا العالم

43185894_10218475315653811_6636712276143374336_n

عن دار المصورات بالخرطوم صدر للناقد والمترجم ناصر السيد النور الحائز على جائزة الطيب صالح العالمية للإبداع الكتابي عن الترجمة كتاب بعنوان “تيتانيكات أفريقية، لأبي بكر حامد كهال.. دراسة في البنية السردية والهوية ورؤيا العالم”، وهي دراسة نقدية محكمة تبحث بالتحليل النقدي العميق رواية كهال التي تدور أحداثها حول الهجرة غير الشرعية ومخاطرها من دول جنوب الصحراء عبر المتوسط الى أوربا.
يقول مقدّم الكتاب، د. عبدالمنعم المحجوب: في هذا الكتاب (دراسة في البنية السردية والهوية ورؤيا العالم) سوف يعرّفنا ناصر السيد النور – ببراعة الناقد البنيوي الذي يحيط مجهره بعيّنة نادرة – على قابليات القراءة التأويلية في رواية “تيتانيكات أفريقية” وانتقالها بين التأويل والتخييل، وبين تضافر الحكايات الداخليّة التي تصنع في مجموعها مساراً سردياً واحداً متكاثفاً. هنا سوف نتعرّف على المنحى السردي وبنيته بما تحمله من رمزية وتناص وإيقاع، وبما يعتمل في باطنها من مكوّنات تُجمِل رؤيةَ العالم من منظور الهويّة، ولعلّي أقول: الهويّة المتخيَّلة، إذ لا هويات مهمّشة في مقابل هويّاتٍ هي متنُ الوجود، بل ليس من هويّة للإنسان سوى إنسانيته.  وتلك هي رسالة أبوبكر حامد كهال.  

تيتانيكات أفريقية.. دلالات العبور

في الجمعية الأفريقية للدراسات الأدبية 

435عقدت الجمعية الأفريقية للدراسات الأدبية ببريطانيا في الأيام من 11 إلى 13 من سبتمبر الماضي بلندن حلقات نقاش حول الأعمال والمؤلفين الأفارقة وكيف أن الأعمال ومؤلفيها قد تحركوا ضمن وخلال وخارج البيئة والنطاقات الأدبية. واستعرضت حلقات النقاش العديد من المحاور تشمل الوحدة الأفريقية، والتعاون الدولي والروابط بين مختلف المواقع للمجموعات ذات الصلة. ومن بين ما تهدف إليه هذه الحلقات الكشف عن الفنون الأفريقية الشفوية والمحاولات الأخيرة للتنظير للنتاجات الأدبية ونشرها على المستوى العالمي.

و من بين المحاور السبعة التي تضمنها البرنامج، المحور الخامس بعنوان (العبور) سرد عبور البحر الأبيض المتوسط : الهجرة، المخاطر، والمجهول في رائعة الروائي الأرتري المعروف أبوبكر كهال “تيتانيكات أفريقية” قدمها البروفسور اوليسو من جامعة بيريمن الألمانية.

ما بين الظهرة وبوستة ( اللاي) – بقلم : عزة كامل المقهور

إلى شقيقي “نبيل”.. ذكريات اقتسمناها كقطعة الخبز…

(اللاي)

منذ أن تلمست الملامح، كانت ملامحها.. أنفها بارز وعينان واسعتان تتوسطهما حدقتان سوداوان وفم ينم عن جدية، لا تكثر حركة شفتيها كلاماً ولا تتمدد ابتساماً إلا احيانا.

هذه الشخصية ذات الملامح الجدية نسجت حولها شباكاً من الإحترام و الوجاهة تسللت من بين فتحاتها شعاع من الحنان موزعاً بالقسط مابين الأبناء والأحفاد. متابعة القراءة “ما بين الظهرة وبوستة ( اللاي) – بقلم : عزة كامل المقهور”

انطلاق فعاليات مؤتمر الناشرين العرب من تونس

انطلقت في الجمهورية التونسية فعاليات المؤتمر الرابع للناشرين العرب بعنوان “الكتاب والنشر في الوطن العربي:الواقع والآفاق، والذين نظمه اتحاد الناشرين العرب بالتعاون مع اتحاد النشرين التوانسيين.
المؤتمر الذي اقيم برعاية وزارة الشؤون الثقافية، وبحضور المرأة الناشرة بشكل واضح في هذا المؤتمر بحضور نساء من اغلب الدول العربية لمناقشة ابرز التحديات التي يواجهها النشر في العالم العربي من خلال حضور اصحاب القرار من المختصين والناشرين. متابعة القراءة “انطلاق فعاليات مؤتمر الناشرين العرب من تونس”

بلاد الكوميكون … قصص: عزة كامل المقهور

في تلك البلاد رجال يعلقون على أكتافهم الأشرطة والنجوم ويحشرون أقدامهم في خفاف بلاستيكية، يختطفون ويقتلون ويبيعون الأنفس ويعذبون ويعتدون بعصي المكانس وأخمص السلاح، لا يستغفرون إلا إذا خسروا، ولا يضحكون إلا إذا أذوا، ولا يكبّرون إلا إذا قتلوا. تأخذهم العزة بالإثم، يستقوون ويزهون بالسلاح، ويتبجحون بالمسروقات والغنائم. متابعة القراءة “بلاد الكوميكون … قصص: عزة كامل المقهور”

عن حديقة إستوائية

للشاعرة الجاميكية أوليف سنيور

1

مأمون الزائدي

هذه قراءة سريعة لهذه المجموعة الشعرية المميزة أضمّن طيها الاسباب الجلية التي دعتني الى ترجمتها الى اللغة العربية، فهى في الحقيقة قصيدة طويلة تتحدث بعدة أصوات مرتجلة تجمع بين الغناء والتعاويذ، والحكاية الشعبية، والرمز والسرد التاريخي الرائع. هذا الصوت الشعري المميز ينبغي ان لا يحجب عن القاري العربي الذي تعوّد على ولوج عوالم جميلة مميزة وخاصة يصنعها الادب في كل مكان من هذا العالم الفسيح.
متابعة القراءة “عن حديقة إستوائية”

الحياة الافتراضية للسعادة

صدور ديوان جديد للشاعرة عائشة المغربي

1

طرابلس ليبيا – خليفة علي
صدر للشاعرة الليبية عائشة إدريس المغربي ديوانا جديدا بعنوان _الحياة الافتراضية للسعادة عن دار روافد ويعرض الان في معرض القاهرة الدولي للكتاب ويضم الديوان الذي صمم غلافه الفنان نور اسلام 101 قصيدة، ويقع في 150 صفحة، وهو الديوان الخامس في تجربة الشاعرة .
متابعة القراءة “الحياة الافتراضية للسعادة”

تراث العرب القديم وموقف الإسلام من السرد

 

حوار مع الناقد العراقي عبدالله إبراهيم

1

يحمل عبدالله إبراهيم أكثر من وجهة نقدية وفكرية ساعياً إلى إعادة قراءة النصوص القديمة، ما كتبه العرب المسلمون وغيرهم من الحضارات الأخرى، متوسلاً بالنص القديم للوصول إلى الحقائق، سالكاً طريق التحليل وتفكيك تلك النصوص بعيدا عن أية وجهة نظر مسبقة قد تؤدي إلى وقوعه في شراك الانحياز، أو تقديم تلك النصوص بطريقة تفضل هذا على حساب ذاك. لم يقرأ عبدالله إبراهيم النصوص القديمة كما قرأها آخرون، ومن هنا جاء تميزه، لقد فهم النص فهما ربما لم يشاركه فيه إلا القلائل من المفكرين العرب، ورغم ذلك وقف حذرا، فهو يرفض، رغم كل ما أوتي من قوة حجة وفهم لتلك النصوص، أن يصدر عليها أية أحكام، فهو يعتقد أن مهمة الناقد والمفكر هي تقديم النص وتفكيكه وتحليله بعيدا عن الأحكام. متابعة القراءة “تراث العرب القديم وموقف الإسلام من السرد”

فيك شي.. ديوان جديد للشاعر محمد الدنقلي

 

2

يصدر هذا الشهر عن دار الأيام للطباعة والنشر والتوزيع ديوان جديد للشاعر محمد الدنقلي بعنوان “فيك شيء”. ويعدّ الدنقلي أحد رموز “الشعر المحكي” وهو نمطٌ شعري جديد لم تتجاوز تجربته في ليبيا ربع قرن، وقد أحدث نقلة نوعية في اجتذاب الليبيين إلى فضاء الشعر. متابعة القراءة “فيك شي.. ديوان جديد للشاعر محمد الدنقلي”

10 أفلام قديمة تتجدّد

1

يبدو أن 2017 سوف يكون عاما مميزاً زاخراً بأفلام متنوعة، حيثُ ستشهد السينما الهوليودية انفراجة فنية كبيرة في عدد من الأفلام السينمائية التي تنوعت حبكاتها بين الدراما والأكشن والكوميدي.
وسيشهد هذا العام عودة الأفلام القديمة التي حققت نجاحاً جماهيرياً، وعلقت في أذهان الجمهور في ثوب جديد، يأتي على رأسهم فيلم “قراصنة الكاريبي” الذي حقق في بداية عرضه منذ عام 2011 بليون دولار، ويقف باتمان ضد سوبر مان في فيلم Justice League، وفي اقتباس جديد للحكاية الخرافية الخيالية “الجميلة والوحش” إنتاج أفلام ديزني للكارتون، ترجعنا إيما واتسون لزمن الطفولة بفيلم Beauty and the Beast. متابعة القراءة “10 أفلام قديمة تتجدّد”

قلب الهايكو للشاعرة الأمريكية جين هيرشفيلد

1

مأمون الزائدي

في هذا الإطار الفاني الذي يحويني، والمصنوع من مئات العظام وتسعة فتحات، هناك شيء، وهذا الشيء أسميه روحا تعصف بها الرياح، لعدم وجود اسم أفضل، ولأنه يشبه إلى حد كبير أقمشة رقيقة تمزقها وتبعثرها أدنى عصفة للريح. هذا الشيء في داخلي استغرق سنوات لكتابة الشعر، لمجرد تسلية نفسه في البداية، ثم جعله شغل حياته في النهاية . ولا بد من الاعتراف، مع ذلك، أنه مر بأوقات غرق فيها في الاكتئاب بحيث صار مستعدا تقريبا للتخلي عن مسعاه ، وأوقات أخرى كان منتفخا بالزهو كي يفخر بانتصاراته العبثية على الآخرين. في الواقع، منذ أن بدأ بكتابة الشعر، لم يسبق أبدا أن وجدا سلاماً مع نفسه، ودائما ما كان يتردد بين شكوك من نوع وآخر. يريد من جهة الحصول على الأمن من خلال انضوائه في خدمة بلاط ، وتارة أخرى يرغب في قياس مدى جهله بمحاولته أن يكون عالما، ولكنه مُنع من كليهما بسبب حبه الجامح للشعر. والحقيقة هي أنه لا يعرف فناً آخر غير فن كتابة الشعر، وبالتالي، فهو يتعلق به بشكل أعمى نوعا ما .

متابعة القراءة “قلب الهايكو للشاعرة الأمريكية جين هيرشفيلد”

معرض تانيت.. ليبيات يستعرضن بكاميراتهن أنوثة الحياة المستترة

12

إيوان ليبيا : عبر صفحته الرسمية على موقع التواصل الاجتماعي لفيس بوك، أعلن تجمع تاناروت للإبداع الليبي، عن قرب انطلاق معرض «تانيت» للمصورات الفوتوغرافيات الليبيات. متابعة القراءة “معرض تانيت.. ليبيات يستعرضن بكاميراتهن أنوثة الحياة المستترة”

توارىْ

1

المبروك درباش

واستعمل «السكايب» ليخبر أتباعه في مدننا، أن يرجموا أشياءنا القديمة، التي لطالما لعبنا حولها دون أن نعي كثيراً من معالمها. أنه يخشى ذات ليله، ذات وعكه، أن نسجد لها.

لم يكن حواراً لذيذاً، لم أكن متلهفاً لألفظ أياًّ من ردودي المشاكسة أو الملتحفة بالنص، كانت جلسة عوراء، منتهى رؤيتها رأس أنفها، ومجالها كلمات سُمعت ذات شتيمة، ذات انتكاسة لكل العقول وكل الثمرات البديعة. أبداً لم تكن كجلسات البدايات الكريمة ولا النهايات الوديعة، هكذا نُزلت، مِلْظَاظَة، ملعاة كشاة العيد، متراخيةٌ محاسنها، هكذا كُتبت على ألواح موسى، بائع «السمينسا» التونسي، ونطقَهَا واعظ «بالخير»، الحاج بوذا، أسرع من يلعب «أُم السبع». كانت جلسة مريضة، كأرضنا، وكنتُ مُرهقاً، عليلاً، قلبي على وطني، على مدينتي، التي جُبتُ أزقتها، وأعرف ثنايا تراكينها وملاذاتها، أعرف أين تسكن بناتها الجميلات، وأمهاتهن الصاخبات، هذي الغيلان اليقظة. متابعة القراءة “توارىْ”

نادر

(أقصوصة)

1

حسين نصيب المالكي

نادر اسم على مسمى، شاب في ربيع شبابه، أنيق الهندام، طويل القامة مثل نخلة سامقة، نظيف البشرة محبوب بين أقرانه، مدلل من أبويه بين أخواته الخمس، استقبلني عند باب منزلهم في أعلى تلك الربوة، حيث الأشجار والخضرة الدائمة، رحب بي كان الوقت يومها ظهرا قائلاً:

متابعة القراءة “نادر”

العودة إلى فرانز فانون

1

عبدالحميدعبد القادر

يشبه فرانز فانون جيل الاندماجيين الجزائريين. عايشَ مرحلة الإيمان في المنظومة الثقافية الغربية، لما شارك كجندي في الجيش الفرنسي خلال الحرب العالمية الثانية. ثم انتقل لمرحلة فقدان الثقة في هذه المنظومة، وقرر الالتحاق بركب الفكر التحرري.

متابعة القراءة “العودة إلى فرانز فانون”

حصاد الكتاب: 2016 عام الرواية في ليبيا

1

رامز رمضان النويصري
المصدر: موقع إيوان ليبيا

بالرغم من الوضع التي تعيشه ليبيا، شهد العام 2016، صدور مجموعة الكتب الليبية، والتي تسجل فيها لرواية السبق، من خلال صدور 6 روايات، كما ويمكننا القول إن العام 2016 هو عام السرد الليبي، فإضافة للرواية، صدرت 4 مجموعات قصصية. أما الشعر فقد غاب، إلا من إصدار يتيم للشاعر “مفتاح البركي”.

متابعة القراءة “حصاد الكتاب: 2016 عام الرواية في ليبيا”

سقط المايسترو إيلي مرهج على المذبح مودّعاً

elie_merhej_835455_large

اختار قلب المايسترو إيلي مرهج ان يودّع الدنيا فخفق خفقاته الأخيرة وهو يردد “صفقوا ليسوع، افرحوا” ليسقط على المذبح مؤدّياً دوره الأخير. متابعة القراءة “سقط المايسترو إيلي مرهج على المذبح مودّعاً”

فاعلية البناء النصي.. في شعر عبدالمنعم المحجوب – (1)

yui

فضة الشارف

يُعدّ البناء النصي ذلك الجامع للعناصر التي تحكم عملية التوليد الشعري بحيث يتبع كل عنصر عنصراً آخر، على أن يقتضي ذلك التمييز بين تصورات عدة مختلفة هي البنية والشكل والموضوع وعناصرها؛ فالبنية هي المصطلح الأعم الذي يتحدد نتيجة لمبادئ أخرى ذات طابع شكلي موضوعي تتحكم في توليد وخلق العمل الأدبي، ويترتب عليها النظام الذي تتخذه العناصر البانية لها،

متابعة القراءة “فاعلية البناء النصي.. في شعر عبدالمنعم المحجوب – (1)”

سيرة أب.. صورة وطن: خواطر وذكريات من سيرة أحمد الصالحين الهوني

00

العرب، 17 ديسمبر 2016، العدد 10488

صدر مؤخرا كتاب جديد بعنوان “سيرة أب.. صورة وطن”، وهو بيوغرافيا للكاتبة والإعلامية الليبية فوزية الهوني، تناولت فيه محطات بارزة من سيرة والدها الوزير السابق أحمد الصالحين الهوني. سيرة تستمد خصوصيتها من ارتباطها بأحداث وتواريخ هامة على مستوى الأحداث في ليبيا وفي العالم العربي، منذ أن كان الحاج الهوني وزيرا للإعلام في ليبيا، ثمّ حين اقتحم بلاط صاحبة الجلالة وأهداها “العرب”، أول صحيفة عربية يومية تصدر من أوروبا. متابعة القراءة “سيرة أب.. صورة وطن: خواطر وذكريات من سيرة أحمد الصالحين الهوني”

وليد الزريبي يطلق النار على الروائيين في تونس ويصفهم بكهنة المعبد!!

90

هاجم الشاعر والاعلامي وليد الزريبي في تدوينة له كل كتاب الرواية في تونس بنبرة ساخرة مقررا كتابة رواية المستقبل على حد قوله.. وهذا ما جاء في تصريحه الذي من المتوقع أن يثير ردود أفعال من داخل الوسط الأدبي الذي ينتمي له الزريبي: متابعة القراءة “وليد الزريبي يطلق النار على الروائيين في تونس ويصفهم بكهنة المعبد!!”

سيرة أب صورة وطن.. بيوغرافيا ليبيّة

8787

مريم عبدالله

السير الذاتية والبيوغرافيا نوع أدبي يكاد يكون غائباً عن المشهد الثقافي في ليبيا. والقليل الذي نجده على قائمة الإصدارات لا يتعدى رواية الأحداث السياسية بوجهة نظر أحاديّة تخفي أكثر مما تقول.

نحن اليوم أمام نص مختلف. إنه بيوغرافيا في شكلها العام، لكن السياقات التي تشكّل متن هذا النص متعدّدة ومتداخلة. ففي الكتاب الذي صدر مؤخراً عن صحيفة الأيام للإعلامية والكاتبة فوزية الهوني بعنوان “سيرة أب.. صورة وطن”، ربما نجد الكثير من السير المتضامنة، في بالأساس سيرتان متداخلتان ترويان قصتَّي أبٍ رحلَ (هو الحاج أحمد الصالحين الهوني) ووطن لا يستقرّ (هو ليبيا). وفي الأثناء تعضدهما سير ثانويّة أخرى: الكاتبة، الأهل، الأصدقاء، الأعداء، وبشكل شامل هناك خطوط عامّة لسيرة شعب بأسره.

متابعة القراءة “سيرة أب صورة وطن.. بيوغرافيا ليبيّة”

عبدالله الساعدي: عاش العرب نكبات متتالية.. هذه المرة نحن شخوص المأساة

 

23

عبدالله الساعدي مفكّر استثنائي. إنه المثقّف الذي لا يعنيه كثيراً أن يكون بين الآخرين من خلال ما يقرؤون له، بقدر ما يعنيه تماماً أن يكون منخرطاً في إيقاع حياتهم اليومية بتفاصيلها الاعتيادية، في الموقع الذي يقول لنا «هنا تُصنع الحياة… هنا يجب أن يكون المثقف».

الساعدي لا يرى الثقافة وراء طقوس يمارسها «كهنة اللغة»، ولا يزن أثرها بما تؤدي إليه من معرفة نظرية مجرّدة، بل من خلال مشاركة المثقف بدوره كمواطن.. كإنسان. الثقافة ليست صالوناً مغلقاً – يقول لنا –  بل هي الشارع الحي، تماماً كما كان يقول غرامشي «كل الناس مثقفون».. أو كما عبّر عن ذلك في «دفاتر السجن» بقوله: «عندما نميز بين المثقفين وغير المثقفين فإننا في الحقيقة نشير فقط إلى الوظيفة الاجتماعية المباشرة التي يؤديها المثقف في المجتمع».

متابعة القراءة “عبدالله الساعدي: عاش العرب نكبات متتالية.. هذه المرة نحن شخوص المأساة”

محمود البوسيفي شاعراً…

oiu

مع شهر يناير 2017 يصدر الديوان الشعري الأول للكاتب الكبير محمود البوسيفي، تحت عنوان «لعلها شجرة بعيدة» عن دار الرواد للنشر والتوزيع.

الديوان هو باكورة أعمال البوسيفي الشعرية، ويضم مختارات من قصائد  كتبها على مدى أزمنة متباعدة، في رحلته المثيرة مع الكتابة والنشر.. حيث كان الشعر يلوح له دائماً مثل شجرة على مرمى البصر فيخبّ الخطوَ إليها ليزيح عنه وعثاء السفر ويستظلّ بها معيداً ترتيب مكابداته والنظر فيها.

يذكر أن محمود البوسيفى هو أول نقيب للصحفيين الليبيين، فى الفترة من 1991 وحتى 2006، والأمين العام المساعد لاتحاد الصحفيين العرب (1996 – 2008)، وعضو اللجنة التنفيذية لاتحاد الصحفيين الإفريقيين (1996 – 2000)، وعضو اللجنة التنفيذية للمنظمة العالمية للصحفيين (1994 – 1997)، وهو الآن رئيس اتحاد الصحفيين المستقلين. صدر له: «أبجدية الرمل»، و«أمريكا التى نحب»، و«خلايا نائمة»، ولديه عدة مخطوطات منها: «الوحل» مجموعة قصصية، و«العطش» رواية.

حوار مع المخرج المسرحي فرج أبو فاخرة

الثقافة ينتجها الناس.. لكن العملية الثقافية معطّلة في بلادنا

%d8%a8%d9%84

حاوره: ناصر محجوب

فرج أبوفاخرة ليس مجرد اسم في عالم الإخراج المسرحي والدرامي. فهو قبل كل شيء أحد المثقفين الليبيين من ذوي الرؤية الدقيقة والوعي الحاد بالمسألة الثقافية في ليبيا، وخلف رؤيته تلك تكمن حلول كثيرة لمجمل المعضلات والإشكاليات التي تعاني منها ليبيا في المرحلة الحرجة التي تعيشها الآن.

المخرج فرج أبوفاخرة لا يتوقف عند الصعوبات التي تعترضه، بل يزيح جانباً كل ما من شأن أن يؤدي إلى عرقلة العمل وتواصل رسالته واستمرارها، كما يدفعه إصراره على إنجاز العمل أحياناً إلى التخلّي عما يعتبره آخرون من الضروريات، وفي هذا الجانب يقول: أنه يعتبر نفسه كمن يمسك بجذع الشجرة الأصلية بكل ما تحتويه من ثقافة وعرف ودين وغيرها من الأصول، لذلك لا يأبه للفروع الصغيرة.

التقينا به في بنغازي وأجرينا معه الحوار التالي الذي يعرّف بتجربته الرائدة ويلقي الضوء على بعض الجوانب الأخرى من الواقع الثقافي والفني في ليبيا: متابعة القراءة “حوار مع المخرج المسرحي فرج أبو فاخرة”

تعددية

%d9%86%d8%aa

رامز رمضان النويصري

ومازلنا مع الاختلاف. ولكن ليس الأضّاد، ففي هذا الأسطر سأحاول قراءة الاختلاف من زاوية التنوع، وما يحمله هذا التنوع من غنى للنص الأدبي، وقدرة على إثارة المحيط من حوله.
كلنا يعرف قصة القائد الذي طلب من ضباطه وصف ما يتلمسونه في الظلام، في النقطة التي يقف عندها كل منهم!!، وكم كانت مفاجأتهم كبيرة إن ما كانوا يتلمسونه كان فيلاً!!، والمفاجأة الأكبر هي كيف طاش بهم سهم الحدس!!!. متابعة القراءة “تعددية”

المفكر العربي عبدالمنعم المحجوب: الإسلام الحالي ديانة وضعية تتبدّل باستمرار

%d8%a7%d9%84%d9%84%d9%82%d8%a7%d8%a1-copy

المسلمون في حاجة إلى الوقوف طويلاً أمام الشاعر والمفكر الباكستاني محمّد إقبال عندما قال «المجتمع ينسخ الدين».
الفلسفة ليست موضوعاً صارماً.. هي منهج تفكير وأسلوب حياة

 حاوره: مريم عبدالله

المفكر العربي الليبي عبدالمنعم المحجوب، حاصل على دكتوراه في «نظرية الثقافة وفنون التواصل»، ولكنه بالرغم من مجاله الفلسفي أصبح أحد المتخصصين العرب القلائل في اللغة السومرية التي صاغ حولها نظرية جديدة قال بكل ثقة أنها تُنهي وهماً علمياً أكاديمياً دام لأكثر من مائة سنة، حيث خصّص لها كتابه «ما قبل اللغة» الذي كان نتاج عمل دؤوب استغرق 10 سنوات.
متابعة القراءة “المفكر العربي عبدالمنعم المحجوب: الإسلام الحالي ديانة وضعية تتبدّل باستمرار”

قَاربٌ إلى لِسْبُوسْ (مَرْثِيَّةُ بَنَاتِ نَعْشٍ)

1

نُوري الجرَّاح

رأيتُ البَرْقَ شَرقيَا
ولَاحَ فِي لُمَحٍ
وكانَ غَربِيَا
رأيتُ الشَّمسَ فِي دَمِهَا
مَبْلُولةً
والبَحْرَ مُضْطَرِباً
والَامسَ مَنْهُوبَاً مِنَ الكُتُبِ.
متابعة القراءة “قَاربٌ إلى لِسْبُوسْ (مَرْثِيَّةُ بَنَاتِ نَعْشٍ)”

الماضي بوصفه مستقبلاً

_173

آرام*

إننا في زمن كل شيء فيه يحيلنا إلى الماضي، ويجبرنا على التحنّط فيه، لا بل هناك قوى كثيرة محلية ودولية تعمل جاهدة على تحويل حياتنا إلى متحف.
هل يمكن القول إننا شعوب تعيش في الماضي وتختزنه في دمائها، وإن ثقافتنا بل وجودنا برمّته يتمحور حوله، ويتنفس هواءه، ويعيش فيه، وإن قيمنا ومثلنا العليا تأتي من التاريخ، ولا تأتي من المستقبل؟
متابعة القراءة “الماضي بوصفه مستقبلاً”

السّاعة الحادية عشر بتوقيتِ اللصُوصْ

100

قصة قصيرة بقلم: رضوان أبوشويشة

 إلى أحمد المبروك الناجح

…جَلسَ في مَقهَى الثرَاتْ الشعْبي ..على ناصِيَةِ الطريْقْ الخَرَابْ ..بَيْن َ بُرْجِ السّاعَةِ المُتوَقفة.. ومصرف ليبيا المركزي… طلبَ قهوة وزجَاجَة صَغِيرِة من ماءِ النهْر الصّناعِي… وتقنفذ على نفسِهِ في كرْسِيهُِ يُفكرُ ّ… على باشا الجزائري.. الذي أمر بتشييدِ بُرْج السّاعَة… مصرف ليبيا المركزي.. الذى كان بُرْجاً إسمه بُرْجْ المَجْزَرَهْ… سيفُ البَحْر الطرَابُلسىّ السّاحِرْ..المُدْمَك الآنَ تحْتَ الإسمنتِ والإسفلتِ والحَجَر والترَابْ مِنْ سِيْدِى الشّعَابْ إلى سِيْدِى عبد الوَهّابْ.

متابعة القراءة “السّاعة الحادية عشر بتوقيتِ اللصُوصْ”

رواية كافكا على الشاطئ: هاروكي موراكامي

 

 

1

مروان بن جبودة

«ولحظة انتهاء العاصفة لن تتذكر كيف نجوت منها، لن تتذكر كيف تدبّرت أمرك لتنجو، ولن تدرك هل انتهت العاصفة أم لا، ستكون متيقناً من أمر واحد فقط: حين تخرج من العاصفة، لن تعود الشخص نفسه الذي دخلها، ولهذا السبب وحده، كانت العاصفة»، ولهذا السبب وحده كانت الرواية، فكذلك أنت أيها القارئ إذا تورطت في أدب ماروكامي فلحظة انتهاء الرواية لن تتذكر كيف نجوت منها.

متابعة القراءة “رواية كافكا على الشاطئ: هاروكي موراكامي”

صوت مألوف في ظلمة القبر

فصل من رواية «سنتان وثمانية شهور وثمان وعشرون ليلة» لـ سلمان رشدي

1

ترجمة : خالد الجبيلي

بعد مرور مئة يوم ويوم على هبوب العاصفة العظيمة، بدا أنّ ابن رشد الراقد منسياً في قبره في مقبره عائلته في قرطبة بدأ يتواصل بطريقة ما مع خصمه المتوفى أيضاً، الغزالي، الراقد في قبر متواضع على مشارف بلدة طوس في إقليم خراسان. في البداية، بمودة شديدة، ثم بدأت تخفت شيئاً فشيئاً. وإننا نعترف بأن هذا الكلام، بقدر ما يصعب التحقق من صحته، فإنه يثير بعض الشكوك. ولما كان جسداهما قد بُليا وتفسخا منذ أمد بعيد، فإن الفكرة بأنهما يرقدان منسيين تنطوي على شيء من البهتان والافتراء، وأما الفكرة الأخرى التي تنطوي على قدر من الذكاء بأنهما باقيان في أماكن دفنهما فهي محض هراء. وإذا أخذنا ذلك العصر الغريب، عصر السنتين والثمانية شهور وثمان وعشرين ليلة، بمعايير عصرنا الحالي، فإننا مضطرون إلى الاعتراف بأن العالم قد أصبح سخيفاً، وأن القوانين التي كانت مقبولة منذ زمن بعيد والتي كانت تشكل المبادئ التي تحكم الواقع قد انهارت، وأربكت أجدادنا وجعلتهم غير قادرين على فهم ماهية القوانين الجديدة. ويجب فهم الحوار الذي دار بين الفيلسوفين المتوفيين في سياق زمن الغرابة ذاك.

متابعة القراءة “صوت مألوف في ظلمة القبر”

في رثاء الشعراء

j

ناصر سالم المقرحي

لا يعرف قيمة الشاعر إلا شاعر آخر، لِذا وعلى غير العادة، لا غرابة في عالم لا يحفل بالشعر في شكلِهِ المكتوب وأدار لهُ ظهره منذ وقت بعيد، لا غرابة أن يرثي شاعر شاعراً آخر رحل، وفعل ذلك بصدق قلّ أن نجد له نظيراً في القصائد ذات الأغراض الأخرى، فإذا ما مات الشاعر لابد أن ينبري أصدقائه المقربون من الشعراء أو حتى من مُحبيه ممن تجمعهم به روابط روحية ووشائج شعرية رغم تباعد المسافات وعدم وجود تواصل مادي بالمرة أحياناً، لرثائه وإلى تخليده بالكلمات وحتى محاولة إحياءه بالشعر في تحدي واضح للموت.

متابعة القراءة “في رثاء الشعراء”

المثقف العربي بين عولمة الثقافة وممكنات الخطاب البديل (2)

767

0

ناقشنا في الجزء الأول من هذه الدراسة مدى مقاربة اطروحات الخطاب الثقافي العربي للواقع وذلك من خلال عرض لوجهتي نظر تجاه قضية العولمة، وخلصنا إلى مجموعة من النتائج يمكن إجمالها في غياب الرؤية الواقعية السليمة في تشخيص الظواهر المختلفة وتفسيرها، إما لغياب المنهج أو لقصور في أدوات التحليل لدى النخبة المثقفة أو على الأقل لدى تيار سائد في الثقافة العربية وعلى نحو خاص في المرحلة المعاصرة.

وكان الهدف من هذه المناقشة هو تحليل آليات الخطاب الثقافي العربي الراهن وذلك لتطوير فرضية منطوقها: أن أحد أسباب إخفاقات المجتمع العربي على النهوض يرجع بالأساس إلى عدم مطابقة ومقاربة الفكر مع الواقع.

متابعة القراءة “المثقف العربي بين عولمة الثقافة وممكنات الخطاب البديل (2)”

الشاعر التونسي وليد الزريبي يكتُب مُدوّنة الخسارات الصّغرى

1

الكاتب الحر سليم دولة

كيف للواحد من البشر العاديين الذين تعتصرهم غصرات الحياة أن لا تذهب بروحه نوبات المالينخوليا السوداء الأشد بطشا بالأرواح التي في هشاشة أجنحة الفراش.. فكيف يكون الحال والأحول إذا تعلق الأمر بروح شاعر في عصر أصبح فيه حتى «الفاست فود» سبباً «للمالينخوليا» كما ورد الأمر في رواية «جون مارك باريزيس».

متابعة القراءة “الشاعر التونسي وليد الزريبي يكتُب مُدوّنة الخسارات الصّغرى”

تخيُّل بابل..الشرق القديم وحصيلة 200 عام من الأبحاث

1

عزالدين عناية

اللغة مثلما يقول ذلك النص الجميل للودفيغ فتغنشتاين “يمكن اعتبارها بمثابة المدينة العتيقة، متاهة من الأزقة والساحات، منازل قديمة وأخرى حديثة. أين تحيط بالكل شبكة من البلدات الجديدة طرقاتها مستقيمة ومنتظمة وبِدُور متماثلة”.

في كتابه “تخيّل بابل” يسير المؤرخ الإيطالي ماريو ليفراني وفق إطار زمني متطور، يستوعب ويغطي موضوع بحثه، محاولاً بناء إطار جامع لنتائج الأبحاث بعد قرنين من الدراسات والحفريات حول المدينة الدنيوية، التي طالما وُضِعت قبالة المدينة السماوية أورشليم، في الأدبيات التوراتية. فالكتاب تاريخي أثري لعالم آثار خبير بحقله، يسلط فيه الضوء على مدينة قديمة تقع في حيز زمني متقدم، قيل الكثير فيها حتى اختلط الأسطوري بالواقعي والتاريخي باللاتاريخي.

  متابعة القراءة “تخيُّل بابل..الشرق القديم وحصيلة 200 عام من الأبحاث”

(عصافير بلا أجنحة) كان ديواني الأول

أول حوار مع محمود درويش في الصحافة العربية. أجراه الناقد اللبناني محمد دكروب، ونشرته مجلة الطريق عام 1968 في موسكو

1

لم أكن قد التقيت به قبلاً، ولكني كنت أعرفه من زمن طويل، منذ أخذ ينشر هناك أشعاره التي جمعها في ديوانه ‘أوراق الزيتون’.. أتتبع ما يتسرب إلينا من قصائده وقصائد رفاقه الآخرين.. وعندما اجتاز شعره الأسلاك الإسرائيلية الشائكة، وانطلق في العالم العربي خصوصاً بعد نكسة حزيران شعلة أمل وإصرار وسط اليأس الشعري القاتل في تلك المدة، شعرنا هنا باعتزاز كبير: هذا واحد منا، عملاق شعري آخر يؤكد طليعية شعرنا التقدمي، ويعطي، هو ورفاقه، المثل الحي علي اندماج الشاعر بشعبه، والشعر بالقضية.

متابعة القراءة “(عصافير بلا أجنحة) كان ديواني الأول”

مرسم رضوان

111

أبو بكر حامد كهال*

من الأماكن التي كنت أُفتتن بها علي الدوام كلما تسنّت لي فرصة زيارتها، كان مرسم الأديب والتشكيلي الليبي الصديق رضوان أبوشويشة الواقع بالدور العلوي بمبنى الكنيسة بالمدينة القديمة بطرابلس، فلاشك إذا كنتَ من المحظوظين -الذين تتاح لهم مثلي أنا ومثل الأصدقاء حسين المزداوي، منصور بوشناف ورضا بن موسى – زيارة مرسم أبوشويشة فإنك ستلتقي هناك بالسحر وبالطابع السريالي للمكان، بحسبانه يجمع بين ورشة الرسم واكتظاظها، والمرسم وأدواته التي تزيد عن المعهود لدى أبوشويشة. كما إن المرسم يتّخذ منه صاحبه أحياناً مقراً لسكناه وبراحاً لاستقبال الضيوف الذين يتحلقون حول براد الشاي الموضوع فوق الـ”فرنيلو”.

متابعة القراءة “مرسم رضوان”

صيد الذكريات: حوار مع بيتر كلارك

11

ناصر السيد النور*

المستشرق والمترجم والمؤرخ الإنكليزي المعروف، بيتر كلارك Peter Clark، عاش في السودان لسنوات في سبعينيات القرن الماضي؛ يعمل في المجلس البريطاني. تفاعل خلال سنواته تلك مع الحياة والمدن والشخصيات السودانية، وربطته علاقات مع عدد من النُّخب الثقافية والسياسية والأسر السودانية.
وجدير بالذكر أن بيتر كلارك يعمل حالياً مستشاراً ثقافياً لعدد من المؤسسات الثقافية، وصاحب فكرة جائزة بوكر العربية للرواية؛ التي أطلقت في العام 2007 بالتعاون مع جائزة بوكر البريطانية الشهيرة، وهو عضو في مجلس أمنائها. خلال هذا الحوار حاولنا أن نستشكف أهم محطات في حياته عندما عمل بالسودان، وما يثار حول الجائزة في العالم العربي، والتعرف إلى أهم ترجماته ومؤلفاته المتعددة في الأدب والشعر والتاريخ.

متابعة القراءة “صيد الذكريات: حوار مع بيتر كلارك”

أمراض الدين وأعطال الحداثة

new-1

%d8%b9%d9%85%d8%b1-%d9%83%d9%88%d8%b4

عمر كوش

الإنسان الأدنى: أمراض الدين وأعطال الحداثة، كتاب لعلي حرب، أحد الكتاب والباحثين اللبنانيين الذين تتميز كتاباتهم بطابع إشكالي سجالي، عبر طرح غير تقليدي للقضايا والأسئلة التي تنفتح على التفكيك والاختلاف والتعدد والغيرية. ويلاحظ المتابع للكتب التي أصدرها هذا المؤلف اتباعه لقراءة غير مقيدة، جعلت منه موضوعاً لسجالات عديدة، وخصوصاً حول كتبه الأولى.
صدر له العديد من المؤلفات والدراسات، مثل: «مداخلات، 1985»، و«التأويل والحقيقة، 1995»، و«الحب والفناء، 1990» و«لعبة المعنى، 1991»، و«نقد الحقيقة، 1992»، و«الممنوع والممتنع، 1993»، و«أسئلة الحقيقة ورهانات الفكر، 1994»، و«خطاب الهوية، سيرة فكرية، 1996»، و«أوهام النخبة، أو نقد المثقف، 1996»، و«الاستلاب والارتداد، 1997»، و«الفكر والحدث، 1997»، و«الماهية والعلاقة، نحو منطق تحويلي، 1998»، و«حديث النهايات، فتوحات العولمة ومآزق الهوية، 2000»، و«الأختام الأصولية والشعائر التقدمية، 2001»، و«أصنام النظرية وأطياف الحرية، 2001»، و«العالم ومأزقه، نحو عقل تداولي، 2002»، و«أزمنة الحداثة الفائقة، 2005»، و«هكذا اقرأ ما بعد التفكيك، 2005». إضافة إلى عدة كتب مترجمة عن اللغة الفرنسية.

متابعة القراءة “أمراض الدين وأعطال الحداثة”

المَثَّال

في ذكرى رحيل النيهوم الصادق

1

شكري الميدي أجي*

مايكل أنجلو نحت تمثال داوود ضخماً من قطعة رخام ظلتْ مهملة داخل احدى الأديرة طوال مئة عام. الصادق النيهوم الأديب الليبي نحت شخصية الحاج زروق بكل حماقاتها وغلظتها من واقع الليبي خلال منتصف الستينيات، شخصية بلا شك عاشت أكثر من مئة عام. شخصان مختلفان، استخدما الأثر الفني لأجل فكرتين متناقضتين في الأسلوب، متوافقتين في الهدف.
فعلاً كل ذلك وهما تحت سن الثلاثين، مستهدفين رجال الدين في حرب معلنة لا هوادة فيها، كانت الرموز الدينية لتماثيل مايكل أنجلو تستهدف رجال الدين في عصره، مستخدماً لغة الدين في تمثايله كما أعلن الصادق النيهوم بأن معضلة مواجهة رجال الدين، تكمن في استخدامك للخطاب الديني في الحديث معهم، وهي لغة قد تلغي قيمة الكلمات، وإن كانت لم تستطع أن تلغي سطوة الصخر في تماثيل أنجلو الدينية، فإن شخصية مثل الحاج زروق استهدفت مسألة أكثر عمقاً في المجتمع الليبي، الصفات الدينية التي تمازجتْ مع العادات اليومية حتى تحولتْ إلى مدمرات لسير المجتمع نفسه نحو النهضة، عقب الاستقلال.

متابعة القراءة “المَثَّال”

سيزاريا إيفورا.. القدّيسة الحافية

1

تغني حافية عن جزيرة منسيّة؟ ما هو سر الافتتان بديفا الرأس الأخضر سيزاريا إيفورا (1941 ـــ 2011)؟ إن حياتها هي سيرة مقاومة «القدر الأسود»، مناهضة الاستعمار، والعبوديّة، واليُتم، والعنصريّة. كان على سيزاريا إيفورا أن تحارب كلّ ذلك، حتى توفيت عن 70 عاماً.

متابعة القراءة “سيزاريا إيفورا.. القدّيسة الحافية”

برنارد لويس وأنا

1

دانيال بايبس

وُلد برنارد لويس Bernard Lewis بعد اتفاقية سايكس بيكو، التي حدّدت معالم الشرق الأوسط الحديث، بخمسة عشر يوماً فقط، الاتفاقية التي أتت مئويتهما على سوريا والعراق وهما ممزقتان.
ظهر برنارد لويس بوصفه المؤرخ الأكثر تأثيراً في الحديث الشرق الأوسط والإسلام. وكان قد جعل مؤلّفه الأنيق عن التاريخ الإسلامي في متناول جمهور واسع في أوروبا وأمريكا. وفي دراساته الأكثر تخصصاً، ابتدع التاريخ الاجتماعي والاقتصادي، واستخدم المحفوظات العثمانية الضخمة. ونقل عمله في مرحلة ما قبل العالم الإسلامي الحديث ثراءً رائعاً ورضا ذاتياً معتداً بنفسه. لقد سهلت دراساته في التاريخ الحديث فهم الحوارات الداخلية للشعوب المسلمة في المواجهة مع قيم الغرب وقوته.

متابعة القراءة “برنارد لويس وأنا”

كارمينا بورانا .. اللهب المتجدّد

1

علي الشوك

كارمينا بورانا هي كانتاتا (مغنّاة) للموسيقي الألماني كارل اورف (1895-1982)، يستغرق إداؤها زهاء ساعة، وتجمع بين الموسيقى، وغناء الكورس، والسوبرانو، والتينور، والباريتون، وغناء الأطفال. الاوركسترا تضم مئة عازف، والكورس يضم مئتي مغنٍ ومغنية، وغناء خمسين طفلاً، الى جانب الأصوات المفردة. هذه الكانتاتا تعد واحدة من بين أجمل الإنجازات الموسيقية في القرن العشرين. إنها تخاطب أرقى المستمعين وأبسطهم بإيقاعاتها الموقظة للحواس، وكلماتها المثيرة: ان سيدات الجمعية الكورالية يصرخن: «إذا كان القدر يضرب الرجل القوي، فإن الكل ينتحبون معي». أو إذا كان مزاجهن أكثر مرحاً: «فإن عذريتي تجعلني لعوباً، وسذاجتي تطوقني. آه، آه، آه، أنا أقبل على الحياة بكل إندفاع». كل هذا في حين ان الرجال المرتدين جاكيتات السهرة يغنون أغنيات فاسقة وهم سكارى…. على أية حال، تلك هي كارمينا بورانا.

متابعة القراءة “كارمينا بورانا .. اللهب المتجدّد”

John Berger .. الراديكالي المضيء

berger

جون بيرغر John Berger في التسعين. هذه السنة، أتى عيد الناقد الفني البريطاني (1926) الراديكالي، ليؤكد على نضارة عينيه اللتين تواصلان البحث في «صورة» العالم. لكن بيرغر ليس متفرجاً فقط. في مناسبة عيده الذي يحتفل به المثقفون حول العالم وفي بريطانيا تحديداً، أطلق قبل أيام كتابه «مناظر طبيعية ــ جون بيرجر حول الفن».

متابعة القراءة “John Berger .. الراديكالي المضيء”

الليبرالية في القرن العشرين (أحمد أمين وحسين أمين نموذجاً)

jhg

ماكوتو ميزوتاني

صدر حديثاً عن مجموعة النيل العربية للنشر والتوزيع بالقاهرة الطبعة العربية لكتاب”الليبرالية في القرن العشرين” للكاتب الياباني ماكوتو ميزوتاني Makoto Timuzani وترجمة علا صلاح.

“هذا الكتاب دراسة جادة وعميقة للإسهام الثقافي والفكري الذي قدَّمتْه شخصيتان شهيرتان، هما أحمد أمين وابنه حسين. وربما يكون السبب الأكبر وراء شهرة أحمد أمين هو سلسلة كتبه عن تاريخ الفكر الإسلامي التي بدأها بكتابه “فجر الإسلام” (1928م) الذي تُرجم إلى الفارسية والأوردية ومعظم اللغات الأوروبية الرئيسة، وكتابه “حياتي” الذي يعرض سيرته الذاتية.

متابعة القراءة “الليبرالية في القرن العشرين (أحمد أمين وحسين أمين نموذجاً)”

الدولة العميقة والحاجة إلى نبذ الأساطير البالية

1

تأليف: مايك لوفغرين – عرض وترجمة: نضال إبراهيم

يتكرر مصطلح الدولة العميقة في عدد من الدول، وربما يكون تأثيرها محصوراً في الدولة التي تديرها في الخفاء، إلا أنه في الولايات المتحدة تلعب الدولة العميقة دوراً كبيراً، يمتد إلى كافة أنحاء العالم بطرق مختلفة. استخدمت هذه «الدولة» التي تشكل النخبة الثرية عمودها الفقري، النظام السياسي الأمريكي في خدمة مصالحها، وحوّلت الديمقراطية إلى بلوتوقراطية، وبحجة الحرب على الإرهاب عسكرت السياسة الخارجية للولايات المتحدة، فخلفت الضحايا والكوارث في الداخل والخارج. يحاول مؤلف هذا العمل الكاتب مايك لوفغرين بحكم عمله ثمانية وعشرين عاماً في الكونغرس أن يسلط الضوء على الممارسات الخاطئة في السياسة الأمريكية، وكيف يتم استخدام القانون لحماية الشركات والمجمعات العسكرية والصناعية والاستخباراتية والإعلامية، ويوجّه في الوقت ذاته نداء تحذير إلى الطبقة السياسة والشعب الأمريكي، ويدعو إلى إجراء إصلاحات جذرية رغم صعوبتها البالغة.

متابعة القراءة “الدولة العميقة والحاجة إلى نبذ الأساطير البالية”

محنة العرب وبؤس الخطاب الليبرالي

يتحدثون من موقع نخبوي متعالٍ، كما لو أنهم يقفون خارج الأمة.. خارج تاريخ العرب

jungebahrainerprotestierenwiedergegendasregime

%d9%83%d8%b1%d9%85-%d8%a7%d9%84%d8%ad%d9%84%d9%88

ثمة شبه إجماع في الخطاب السياسي العربي على أن العرب يواجهون منذ التسعينات محنة تاريخية قد تكون الأخطر عبر تاريخهم كله. فبين 1990 و2015 سقط العراق في قبضة الاحتلال الأميركي وأضحى دولة فاشلة تتنازعها عصابات العنف والإرهاب، ويصعب التئام مكوناتها الطائفية والمذهبية والإثنية من جديد في دولة وطنية متحررة من النفوذ الأجنبي. وبين عامي 1990 و2015 انفصل جنوب السودان عن شماله ولا تزال الحروب الأهلية مستمرة في بعض أقاليمه. وبين هذين العامين انهار الصومال وتلاشت دولته الوطنية، فيما غدت ليبيا قبائل متناحرة وقوارب مهاجرين يفرّون من جحيمها.

متابعة القراءة “محنة العرب وبؤس الخطاب الليبرالي”

المثقف العربي بين عولمة الثقافة والانحناء للعاصفة (1)

767

0

1- مقدمة

حظي مفهوم “العولمة” باهتمام واسع في الخطاب الثقافي العربي المعاصر، وتباينت الآراء حول العولمة كمصطلح أولاً وكعملية تمتد لتشمل الاقتصاد والتجارة الدولية ونظم الاتصالات والتنمية ثانياً.

انقسمت الآراء ما بين مدافع عن ظاهرة العولمة ويرى فيها طوق نجاة للخروج من مأزق الواقع العربي الراهن الذي لا يسر صديقاً، ومهاجم ينظر إليها كحلقة جديدة من حلقات الهيمنة والسيطرة التي ستطحن بين تروسها المجتمعات والدول الفقيرة والضعيفة.

متابعة القراءة “المثقف العربي بين عولمة الثقافة والانحناء للعاصفة (1)”

تشومسكي: الولايات المتحدة تنحدر الآن من الديمقراطية إلى البلوتقراطية

%d8%aa%d8%b4%d9%88%d9%85%d8%b3%d9%83%d9%8a

مارتين بيالكي

نعوم تشومسكي أحد أهم المفكرين المعاصرين، وجه مؤخراً انتقادات حادة للغاية للسياسة الأميركية في السنوات الأخيرة، التي انعكست نتائجها على التطورات المحيطة بانتخابات الرئاسة الأميركية، والتي تجلت أخيراً في صعود دونالد ترامب، الملياردير الجمهوري الذي وصفه تشومسكي بأنه “حدث فريد لا مثيل له في الغرب المتحضر”.

التالي من حوار معه للوكالة الألمانية، من مكتبه الكائن بمعهد مساشوستس للتكنولوجيا بكامبريدج الأميركية.

متابعة القراءة “تشومسكي: الولايات المتحدة تنحدر الآن من الديمقراطية إلى البلوتقراطية”

أنثى المكان: فاكهة الأساطير في “سلطانة” العمّاري

قراءة في ديوان ” السلطانة ” للشاعر الليبي: مفتاح العمّاري

محمد عطية محمود

” سيظل كل عاشق، يقتفي أثر العواصم والنساء والرؤى”
” العمّاري “

تلتحم الصورة الشعرية لدى ” مفتاح العمّاري ” بالصورة السردية/ الدرامية، التي تطرح دلالات موازية في متن نصوصه الشعرية، والتي تعطي للنص الشعري مذاقا خاصًا يشتبك فيه أيضًا المكان كدال؛ سواء أكان ثابتا يتكئ عليه الشاعر، أو متحركا في الفضاء الشعري الذي تخلقه حركة هذه الصورة / الحالة الشعرية التي يتوحد فيها إحساس الشاعر ونبضه مع المكان بمستويات دلالاته التي تتوزع على النصوص لينشر فيها عبير إحساسه، ثم تعود لتلتئم على ارض/ ذات الوطن، كمكان / محبوبة/ معشوقة/ أنثى !! تتجلى فيها السمات الدالة على التوحد مع تلك المفردات.
في ديوانه ” السلطانة ” الصادر في طبعته الأولى عن منشورات اللجنة الشعبية العامة للثقافة والأعلام بليبيا، لعام 2006/ 2007، يقتفي ” العمّاري” أثر مشواره الشعريّ الطويل المكلل بثمانية دواوين شعرية، أصّل فيها لتجربته الجادة، مرتقيا بأدائه الشعريّ الحسّي، إلى درجة التوحّد بالمكان/ الوطن/ شجرة الحسّ الممتدة والموغلة في أعماق وطن/ أنثى أسطورية يبثها/ يبثه عشقه المبرح، وتباريح غرامه وأنسه، إلى جانب صروف معاناته الحسية المعجونة بهذا العشق/ السفر المتجدد مع الإبداع وآلام النفس المجبولة على تلك المعاناة المحمودة.

بعد العنوان الرحب، الحمّال لأوجه التأويل والدهشة، والعتق، الذي يحمل مضمونا يؤصّل لتجربة العشق لدى الشاعر نحو وطنه/ أنثاه السرمدية.. يتصدر الديوان إهداء لافت، قوامه خمس كلمات دالات؛ إلى حمّالة الرؤى .. ابنتي وعد “، ولعل فيهن ما يكفي من مشاعر الامتداد الممتزجة بحلم الشاعر ذاته الذي يسقطه على غد أيامه/ امتداده في ابنته التي تحمل دلالة اسمها الكثير من التوق إلى ما هو في علم الغيب ” وعد “، بما يشي بالإحساس المضمر في نفس الشاعر، بيقينية المصير الذي يربط الإنسان/ الشاعر بحبال من الدهشة والترقب والتخيل: مما يفتح له أبواب مخيلة إبداعه، اتكاء على هذه اليقينية التي ربما كانت دالة على قدرية الشاعر/ الإنسان.. فنراه يقتحم سيّال أرقه الشعريّ بتلك الكلمات الوامضة، الدالة على الامتزاج بنار الوطن ونعيمه… في مفتتح نص العنوان “السلطانة” الذي يحيلنا مرة أخرى إلى الولوج في عالم العنوان الملغّز:

” وجهك رائحة نار/ سفر أغنية تتنفّس وحيدة.
كل تلك الحروب كانت/ لأن وجهك غنيمة نظر،
لأن الله ألقى سماءه في عينيك/ ووطّن ياقوت حكمته في فمك” ص 9

فمن هي تلك السلطانة/ الأنثى – التي القى الله سماءه في عينيها – إلا وطن تجتمع فيه النار، برائحتها الدالة على وجودها، والترحال في أغنية تطبع آثار الوحدة والقلق النازف على روح شاديها الوحيد/ المتوحّد بعشقه .. هذا التوحد الذي يعزي كل الأمور وفعاليات الحياة الى هذا الوجه السرمدي الذي تتكامل به كل الموجودات، وتعيش في ظلّه !!.

” ليظل وجهك الوحيد من ينتظره التائهون في نومهم
ويصنع الأطفال من ضحكاته/ مراكب لعب/ يتسرب البخارُ من مسام بهجتها اللامعة ” ص 9.

هي الأنثى في صورة وطن، أو الوطن في صورة أنثى .. أيهما ؟ لا ضير.. تلك التي يتشكل من رحمها كل الموجودات الدالات على نبع لا ينضب، ولا تتوقف سرمديته الشاخصة أمام كل الخطوب، وعلى كل الدروب، ليتمثل في:

” وجه شاعر فتيّ يجلس خلف قصيدته
يفقأ صور الأيام وهي تعبر ساكنيها … ” ص 10

الا أنه يعبر كل التضاريس، ويتخطى كل التخوم المرئية لينعزل في صمت، محتفظا بسمات تواجده الحقيقي برغم الخطوب، منهمرا في تعبيرات جلية دالة / غير مجانية ، ليصل إلى أن يحتوي كل المدلولات ليكون :

” وجه أمّ تلد المستقبل تحت نخلة الواهب
وجه موسيقى تغسل وحشة الليل ..
وجه صلاة في زنزانة تشظت بين فولاذها أوصاف الشمس” ص 13

حيث يسمو هنا التعبير السرديّ ليتعانق مع هذا الفضاء الشعريّ المتّسع بالرغم من انغلاق المكان ومحدوديته – والذي لا تحدّه هذه الكلمات الوامضة المكثفة، بل تعطيه رحابة المعنى وأصالة التضاريس ، وتاريخها المتنقل بينها ..

طارت الستائر والمخدات والمرايا
وظلّ وجهك يخمش برودة الهواتف / ويذوّب ملح براءته …
طار الألف من برج عقربه …/ وضاقت طرابلس بوزر أنوثتها ” ص 16

يبدو هنا الإحساس بالاغتراب، بطيران رموز الاتكاء والراحة في الحياة في مشهد واقعي سحري، يذكرنا بواقعية السرد السحرية، فيما بين سطور القصيدة يكشف لوعته بذاك الشعور بالمرارة المختبئة خلف الضلوع، والمتسربة من بين ثنايا الكلمات. هذا وجد، وهذه براءة، وهذا عشق مبرح، وترانيم تنقلنا إلى أجواء التدله بين الشاعر وأنثى المكان، كما يفيض من مد بحور القصيدة في نص ” اسم الشمس” ذاك الاسم المؤنث، الواهب للحياة، الذي تلتف حوله مادية كل كواكب المجرة، ولكن مجرة الشاعر هنا حسية خالصة ترقى بالنفس لتلاقي معراج نشوتها حتى وان كانت متألمة .. تلهب الخيال وتضرب في أعماق التاريخ، تبحث .. تسرد بوعي شعري، أو تشعر بوعي سرديّ .. تؤرخ شعرا :

” ليبو .. /
نقش عتيق في معبد أبيدوس .
قبائل الحلم الأخضر تشيرُ يدُ الوافد
اسم ثريٌّ
يستدرج بوارج الفينيق
ويلهب خيال البرونز في أثينا . ” ص 21

هنا إبحار في عمق الميثولوجي.. عمق الحضارات، وعمق الضوء، ضوء الشمس المفتون باسمها كمركز للكون، ومصدر لدفئه وحرائقه ، ولا يخفى علينا في هذا المقام ولع الإنسان في نفس الشاعر لاستنطاق التاريخ، أو استعطافه واستمالته إلى جانب البحبوحة التي تماهى فيها معنى الأنثى / الوطن في اسم الشمس / ليبيا / الوطن مرة أخرى، فالأنثى موجودة أيضا في مفردة ” قبيلة ” و ” قارة ” وقرص” شمس ” يحصرهما قرنان – كرمز ذكوري – من الدم / الدم ، والولع / المديح ..

” أنها ربّة ريح، وأمّ نار
هذه المطروحة كطبق من فاكهة الأساطير ” ص 23

تعود هنا مفردة النار، بدلالاتها الملتهبة لتفرض ذاتها على سطح الفعل الشعريّ، المترع بآمال مرور الشاعر الطازجة نحو برها الآخر دون رادع أو منغص أو مترصد / رقيب ؛ فهي أيضا :

” سلة عصافير على ظهر غيمة سخيّة ..
حلقة مفاتيح تلمعُ تحت الماء ” ص 23

تجمع القصيدة هنا بين دلالة الحرية المحتبسة في سلة العصافير، وتضاهيها – بما يحقق التأكيد على المعنى – بحلقة المفاتيح المغمورة اللامعة تحت الماء !! وأي حرية دون فضاء رحب ؟ وما يفيد اللمعان دون غواص ينتشله ؟ ربما كان هذا هو السؤال الذي يطرحه النص !! هنا نرى كيف استطاع الشاعر أن يختزل كلمات تقال في فقرات كاملة، في كلمات معدودة، ولكنها تعطي مذاقا ورديا متفردا، يعكسُ أيضا حالة من المعاناة المختبئة بعيدًا في زوايا النفس العاشقة، لكنها تطلّ منها على استحياء، في حنين معاتب.. يحمل الأمل في من يخترق حجب الغبار ويجليها عن روعة التاريخ/ الزمن؛ ليعانق الحاضر عبير الحضارات التي جعلت من الوطن/ الأنثى، طبقا من فاكهة الأساطير.

” فمن يتقدّم .. / ينادي الباعة.
ليقايض ملحا بفضة / وإعجاز عشب له فذاذة سحر
بحصان عربيّ / أو حسناء ترقص ” ص 24

يطفو مذاق الملح، ليعطي للسطور مصداقية الإحساس بالمرارة، مع ظهور إعجاز العشب، التي تؤصل المعنى، كمترادف – مؤكد- كما في سلة العصافير، وتاليها حلقة المفاتيح المفقودة رغم لمعانها، لتطغى على ماهية الحصان العربيّ، والفضة، وعمقها التاريخي والقيمي. هنا تتضافر الصور مع تكاثرها لتعطي هذا الإحساس المختلف الذي يدفع بالنص في اتجاه معاكس تماما من حيث الحالة .. إنما هي إرادة الشاعر وإنسانيته تكاملتا مع شاعريته وفنيته للحصول على المعنى المراد تجذيره بإبراز المعنى المضاد وقسوته، وهي مهارة لا شكّ، تحسب في الميزان الشعري للشاعر المجرب، والمستمر بقطار شعره بصوته المدوي في الآفاق؛ فالوطن مازال يملك كل مقوماته، وأروع ما فيه، كما يملك أملا بعيون عاشقيه .

” عندنا قمر / من زخرف الروح ،
وثياب منسوجة من وبر الفصول
عندنا نبال / ورماح لا تجبن ” ص 24

هنا يتعانق الشاعر مع التاريخ ومفرداته من طبيعة راسخة يتلألأ فيها قمر الدجى المنير، وتتعاظم مفردات بداوتها الفطرية المجبولة على البطولة والفداء، الذي تتراقص مدلولاته في فضاء النص الشعري، وهو التاريخ الذي يستمدّ منه الحاضر قوة لا يعينه على حيازتها إلاّ المزيد من العمل على استحضاره واستجلاء قيمته، ونهضته القادمة، ولعلها من مهام المبدع – أيا كان تصنيف إبداعه – الذي يدق الأجراس، ويداوم على طرح الأسئلة.

في ” خماسيات ” يستمر الشاعر في ارتقاء صهوة جواد عشقه النبيل، يعتليها بنزق طفوليّ حاد وفطري لعاشق ملهم أحبّ وطنه، يتقطر الشهد من فيّه، وان جائعا، ويغرق في ثنايا الحلم الورديّ الذي يعكس حالة من الحرمان/ الجوع / التردد / القلق/ الخوف، على هذه الأنثى/ الوطن، التي تتجلى في أبرز صورها من خلال هذه الومضات المتتابعة، والتي تطرح في متن النص علاقة جديدة بين السرد وبين الشعر في ديناميكية تغير وجه العلاقة بين الشاعر وأنثاه/ وطنه، بحيث تأخذ هنا شكل التبتل والخشوع في محراب حب، مع توتر العلاقة النفسية بين الذات وخارجها الواقع تحت تأثير خمر جلالة المعشوقة !!

” في أول الأمر تعتعني خمرُ جلالتك
فرفعت يدي بعلوّ/ وبعلوّ أيضا
رفعت أنامل ولهي/ وأيقظت نسغ أنوثتك ” ص 30

تلعب الخمر هنا دورا هاما ودالا على الدخول في مرحلة غيبوبة العشق التي يرتقي فيها المحبّ/ المتصوف في مدارك جلال معشوقته الذي تعانق فيه يده فضاء حكمة عشقه.. تبحر فيها، وتستنيم كي توقظ فعاليات هذه الأنوثة.. فالأمر هنا مختلف دلاليا عن سياق ما سبق؛ حيث تبحر الدلالة في اتجاه عشقي صاف، إلا أنها تصطدم بصخرة عجز العاشق، حينما يزول تأثير خمره / حالة عروجه :

” لكنما في آخر الخمر/ تأتأني أمر جلالتك ” ص 32

هنا يلعب الجناس الناقص بين مفردتي ” خمر ” و ” أمر ” دورا هاما في قلب موازين الحالة بين الانطلاق وبين الكمون، كما تلعب المفارقة التي ختم بها النص على فكر الصدمة / الأفاقة / ضياع السكرة وإتيان الفكرة ، ليرصد مرحلة / حالة جديدة من حالات حرمان العاشق المتبتل ، غير القادر على التواصل مع المحبوبة برغم فرط العشق و تغلغله ، فالتأتأة التي تصاحب حالة الارتداد إلى الطفولة الغرة، هي رد فعل نفسيّ لبيان حالة ارتباك النفس، وكمعادل لمفهوم العجز عن الاقتراب من دائرة المحبوبة، أو الغرق فيها .. فهل من سكرة تستمر كي تربط مجالاتنا الشعورية في أعلى مستوياتها ؟!
ربما كان سؤلا جديدا من أسئلة الشعر في هذا الديوان ..
لكن فعل التردد والتأتأة المصاحب لنص ” ثلاث مدن ” يعكس – ربما – علاقة أخرى مغايرة لما طرحه الشاعر في خماسيته، ليأتي معانقا المكان/ المدينة/ طرابلس كنسق جغرافي تشاغل تضاريسه في نفس الشاعر، يسقط به إحساسه العام على كتلة الوطن كجزء من كل :

” طرابلس :
يا عسلا يتنفس سعيدا بتأتأتي / يا جنوب لغة .. قريبة ثدي
وشقيقة بحر/ تهبك السماء كفّها غيمة رحيمة ” ص 41

هنا تتلاقى المفردات، لتصنع سردا مكثّفا دالا تجتمع فيه ، لتدل على الحالة التي يقع فيها ردّ الفعل على صورة عدم القدرة على الكلام والتلعثم، ليضع إطارا جديدا مغايرا للعلاقة التي تأخذ شكل الأفاقة، وبخلاف السكرة التي غلفت شغاف النص السابق، لتصير العلاقة بين جمادات يؤنسنها النصّ ليعمل على وصل وشائج القربى بين الكائنات من جهة، وبين الإنسان – في مجمل معنى إنسانيته وآدميته – من جهة أخرى؛ فيجتمع العسل ( المؤنسن بسمة إنسانية وهي السعيد )، واللغة (التي تتخذ مكانا جغرافيا وسمتا مغايرًا)، وثدي بما يرمز إلى الحياة والنماء (بخصوصية الأنثى الرمز) ، وبحر ( مؤنسن بالشقيق )، وغيمة (مؤنسنة بالرحيمة) لتتماهى هذه المفردات مع الطبيعة التي تعكس ارتباطا شديدا بينها وبين ما يحاول الشاعر معانقته لأثر المكان على الروح وامتداد تلك الروح في رحم التاريخ، رحم الأنثى الوطن.

“وتعطيك الأرض ألوانها / وأعطيك رحلة العاشق
أنت يا برج ماء / ومدار حلم يسافر” ص 41/42

لينتقل العطاء من الطبيعة بفعل الأنسنة الرقيق، بما أن العطاء يتوازى مع الرقة والرهافة، إلى عطاء الشاعر ذاته لمدينته / أنثاه / وطنه الصغير؛ فهو يهبها روحه العاشقة المتلهفة إلى رموزها الحالمة والموازية ملامحها لنفس العطاء؛ فهي ” برج ماء “، وهنا يلتقي المستوى الأفقي للمادي/ الماء، مع المستوى الرأسي لدلالة الارتفاع والسمو والعلو/ البرج، مع النداء الذي يتحرك في الفضاء الشعري لتصنع صورة شعرية متكاملة متينة البناء من تلك الكلمات الثلاث ” أنت، برج، ماء “مع موازاتها بالحلم الذي يحمله الشاعر سمات الأنسنة ليسافر مصاحبا له، وليتماهى الشاعر هنا مع مدار هذا الحلم، أو يصير هو الحلم نفسه الذي يرتحل به ومعه، وهي ” طرابلس ” فرحة التهجي – هنا – في تأتأة طفل يشوبها المرح.

” طرابلس: / تأتأة مرحة في فم طفل / رسالة حب تنتقل من يد إلى يد
إشارة نفير ودم جريء بين / فواصل الغزاة ” ص42

كما تنتقل تيمة السفر والترحال، بمفردتها ومعناها الدال، في نص يحمل نفس الاسم ” سفر” أتى به الشاعر ليطلق في فضاء النص باعثا ألق المعنى واتساعه ورحابته؛ فمن خلال اللغة / الموسيقى يأتي السفر؛ ليكون معنويا شفيفا متسقا مع التوجه إلى عدم تحديده أو تعريفه، من خلال ثلاثة مقاطع سرد/ شعرية لاهثة ودالة:

” من هذه الموسيقى/ التي يرتفع صداها الحالم
كهدية متواضعة / للمعلقات العظيمة / صنعتُ ربيعا سخيا ” ص 47

فمن الموسيقى كلغة تتناغم مع لغة الكلام / الشعر، الذي يهفو إلى معانقة تراث شعريّ يتمثل في المعلقات كأثر شعريّ لا يزول ذكره، يعود الشاعر ليصنع تواشجا معنويا يتشخصن في ربيع سخيّ، يأمل الشاعر في خلقه وتكوينه حسيا ليكمل الصورة البهية التي اقتحمها الذئب الذي ” صعد لاهثا/ خلف الكلمات البريئة” لتشهد هذه القطعة – موسيقى شعرية إن جاز لنا التعبير- على براعة في إتيان صيغة من صيغ المفارقة اللاذعة. فهل يفجّر النص هنا سؤلا آخر؟ أم أننا بصدد إشارة دالة؟! بينما تعود في المقطع التالي صورة المرأة/ المدينة ؛ لتطلّ من جديد، تمثل ركنا من صورة السفر من خلال بحور لغة ” تهطل من حلم الشوارع / صنعت ريحا جريئة / لكي أختفي بين مدينتين / بين امرأتين / من ملح وغبار … ” ص 48
وربما لاح لنا إحساس داخلي بأن هذه النهاية لتلك الومضة هي الأنسب؛ لأن ما تلاها قد تم طرحه من حلال سياق ما قد سبقها، فأصبح الكلام التالي من قبيل لزوم ما لا يلزم، في قوله:

” وكنت أبعد من أثر
وأخفّ من خيال ” ص 48

كما تكتسب اللغة في المقطع الثالث صفة الحارة، بانتقالها إلى ساحة الوغى والقتال؛ فاللغة هنا وطن غير عاديّ/ أنثى غير عادية، فهي في ضمير النص/ الومضة ” التي ليست وطنا وكفى ” ص 49 وما بين ” المرأتين/ المدينتين ” يهاجر فم الشاعر، كناية عن الكلام، ليرتبط الفم بالشعر توحّدا، وبالسفر بين متاهات الكلام، دروب عشق المدينة / الأنثى / الوطن، سفرا يعانق الملح والتراب والفضة، أملا في جني ثمرة من ثمار فاكهة الأساطير.