برنارد لويس وأنا

1

دانيال بايبس

وُلد برنارد لويس Bernard Lewis بعد اتفاقية سايكس بيكو، التي حدّدت معالم الشرق الأوسط الحديث، بخمسة عشر يوماً فقط، الاتفاقية التي أتت مئويتهما على سوريا والعراق وهما ممزقتان.
ظهر برنارد لويس بوصفه المؤرخ الأكثر تأثيراً في الحديث الشرق الأوسط والإسلام. وكان قد جعل مؤلّفه الأنيق عن التاريخ الإسلامي في متناول جمهور واسع في أوروبا وأمريكا. وفي دراساته الأكثر تخصصاً، ابتدع التاريخ الاجتماعي والاقتصادي، واستخدم المحفوظات العثمانية الضخمة. ونقل عمله في مرحلة ما قبل العالم الإسلامي الحديث ثراءً رائعاً ورضا ذاتياً معتداً بنفسه. لقد سهلت دراساته في التاريخ الحديث فهم الحوارات الداخلية للشعوب المسلمة في المواجهة مع قيم الغرب وقوته.

يشير آر. ستيفن همفريز، من جامعة كاليفورنيا، إلى “مدى علمه الاستثنائي وقدرته على الهيمنة الفكرية على مجمل التاريخ الإسلامي وتاريخ الشرق الأوسط من عصر محمد وصولاً إلى يومنا هذا”. وكما قال الراحل فؤاد عجمي، من جامعة جونز هوبكنز في يوم عيد ميلاد لويس التسعين، أنه “محراب هذا العصر الجديد للأميركيين على أراضي العالمين العربي والإسلامي”.

امتدت حياة لويس المهنية على مدى 75 عاماً خالدة، من مقالته الأولى “الطوائف الإسلامية” عام 1937، حتى سيرته الذاتية عام 2012. دخل حياتي في منتصف الطريق، عام 1969. ففي إسرائيل، وفي صيف ما بين دراستي بالسنتين الجامعيتين الثانية الثالثة، ومع طموحاتي لأصبح عالم رياضيات وتشكّكي في ذلك، فكرت في التحول إلى دراسات الشرق الأوسط. ولتذوّق هذا الميدان الجديد، قمت بزيارة متجر بيع الكتب الشهير لودفيغ ماير في القدس واشتريت كتاب لويس الصادر 1950 “العرب في التاريخ”.

أطلق هذا الكتاب حياتي المهنية. وعلى مدار السبعة والأربعين عاماً التي تلت ذلك، واصل لويس تأثيره العميق على دراساتي. وعلى الرغم من أنني لم أكن أبداً تلميذه النظامي، فقد استوعبت وجهات نظره، بقراءة جميع كتاباته تقريباً ومراجعتي الإيجابية لسبعة من كتبه (1982 – 2000)، وأكثر بكثير من كتابات أي كاتب آخر ورد اسمه في 508 صفحة من صفحات موقعي الإلكتروني. وفيما وراء الأرقام، فقد تأثر فهمي للشرق الأوسط والإسلام به أكثر من أي شخص آخر.

ed-an327_winter_dv_20110401172825

التقيت بالبروفيسور لويس للمرة الأولى في عام 1973 في لندن، حيث دعاني بكرم منه إلى منزله، وقدم المشورة لي بشأن دراساتي للحصول على درجة الدكتوراه. وقد التقيته مؤخراً، مرتين، في شقتة الصغيرة في ضواحي فيلادلفيا.

أريد أن أقول أننا تجادلنا بقوة خلال سنوات جورج دبليو بوش، بشكلٍ محدود حول سياسة العراق (كنت أكثر تشككاً بشأن جهود الولايات المتحدة)، وتجادلنا على نطاق واسع بشأن مسألة إدخال الحريات إلى منطقة الشرق الأوسط.

برنارد لويس مصدر إلهام أكثر من أي وقت مضى لحوارييه الذين توحدوا معه، بما في ذلك كاتب هذه السطور.

(*) عن موقع الكاتب Daniel Pipes